تسوية الأرض وتوفير الآلات أهم ما ينقص مشروعه
لم يكن حصول مرضى فقر الدم المنجلي على عمل مناسب أمرا سهلا في ظل التنافس الكبير على الوظائف الذي يشهده سوق العمل، ولأن مريض فقر الدم يعاني من أعراض وآلام متكررة فقد تتحتم عليه الظروف أن يجد لنفسه موردا مختلفا للرزق يقضي فيه وقته بالعمل الجاد وبما يتناسب مع وضعه الصحي، ولكن ما زالت هناك بعض الصعوبات التي قد يسرّها المريض في نفسه، وفي هذا النطاق اقتربنا أكثر من أحدهم لنكتشف كيف بدأ، وما هي المشاق التي يواجهها في حياته بدءا من حياته العملية وانتهاء بوضعه الصحي، وماذا ينقص مشروعه حتى يظهر بأكمل وجه ممكن.
ابتسامة رضا
سامي بن مبارك بن متعب الشيباني، يقضي وقته مساء في عربته المتنقلة ليزرع الأمل في قلوب المارة، يقدّم الشاي والمشروبات وبعض الوجبات الخفيفة بابتسامة رضا بقضاء الله وقدره، رغم ما يعانيه من “الأنيميا” التي أثّرت كثيرا على حياته وجسده مما أدّى إلى تغيّر في مفاصل رجليه، والعمل الشاق المتواصل الذي يتطلب وجود الأيدي العاملة التي يفتقد وجودها إلى جانبه، وفي حديثنا معه شرح لنا بدايته في المشروع، حيث قال: بدأت في عام 2019 في بيع “الأونو” التعليمية والمناديل الورقية وأجهزة صغيرة لتلاوة القرآن الكريم، وبعدها استطعت توسيع نطاق العمل بعد أن تم توفير العربة المتنقلة بمبادرة من مشروع معين لدعم الشباب والمجتمع الذي يديره فريق أدم الخيري التابع للجنة التنمية الاجتماعية بولاية أدم عن مشروع تمكين المرضى، وقد وفرت لي هذه العربة الحماية من العوامل الطبيعية كالرياح والحرارة التي كنت أعاني منها قبل تزويدي بهذه العربة، وسهّلت لي صعوبة نقل الأغراض المتعلقة بالمشروع من وإلى المنزل، مضيفا: كنت أواجه صعوبة في توفير الكهرباء للعربة، حيث كانت تعمل عن طريق مولد كهربائي، ولكن الحمد لله حللتُ المشكلة، وكذلك ما زلت أواجه صعوبة في توسيع المشروع بسبب عدم وجود رأس المال الكافي.
وجود أيد عاملة
وقال إن هناك جوانب يعتقد أنها ما زالت تنقص مشروعه، وإنه يسعى لتطويرها مستقبلا، حيث أوضح أهمية وجود أيد عاملة إلى جانبه، خاصة أنه كان يعتمد على وجود أشخاص من أهله، ولكن توقفوا عن المشاركة بسبب ظروف الدراسة وغيرها، والأمر الآخر أشار إلى أهمية تسوية الأرض ليظهر المكان المعتاد لوقوف العربة بشكل أجمل، وأشار أيضا إلى أنه من ضمن مخططاته توفير عربة بيع الذرة وآلة صنع العصائر، ولكن تلك المخططات ما زالت على ورق كونه كان قد أنفق المال في أمور الصيانة المتعلقة بالعربة وتوفير مصدر الكهرباء المستمر للعربة.
وأشاد الشيباني بإقبال الناس على الشراء مما تجود به عربته المتنقلة رغم ظهور بعض الصعوبات التي واجهته في البداية من حيث توفير الموارد إلا أنه يتقبل جميع الملاحظات والانتقادات البنّاءة ويحاول النظر للأخطاء والاقتراحات بعين الاعتبار لتفاديها مستقبلا.
حكاية الألم
وقد واتتنا الفرصة للتحدث أكثر عن حياة سامي ومعاناته مع المرض، حيث قال: ولدت في أسرة مكونة من 13 فردا، ونحن 11 أخوة 5 منا مصابون بفقر الدم المنجلي، وهو مرض وراثي، عانينا أنا وإخواني منه منذ الصغر، كبرت وكبرت معاناتي معي، حيث كنا نعاني من الحصول على أكياس الدم، ورغم ذلك أنهيت دراستي الثانوية ثم التحقت بمعهد التدريب المهني، وأثرت حالتي على دراستي بسبب كثرة غيابي عن الدراسة، وفاتتني الكثير من الدروس، وأحيانا تطلبت حالتي أن أجري اختباراتي وأنا داخل المستشفى، ولكن بفضل الله تخرجت بشهادة الدبلوم المهني في صيانة الأجهزة الإلكترونية عام 2012م، ولكن المرض حال دون حصولي على الوظيفة التي أتمنى الحصول عليها لتكوين حياتي، وتم رفضي مرات كثيرة، وقد تدهورت حالتي الصحية بسبب مضاعفات المرض حيث أصبت بهشاشة في المفاصل وتغيرت مفاصل قدميّ، وبسبب كثرة التنويم وزيارة المستشفى فقدت أوردة دموية مما تحتم عليّ زراعة جهاز في منطقة الصدر لتسهيل العلاج.
وأضاف الشيباني: إن المرض لا يعيق أي شيء غير الأعمال الشاقة جدا، وتحت أشعة الشمس الحارة، ونظرة الناس المليئة بالشفقة من حول المريض يجب أن تتبدد.
وفي نهاية حديثه وجّه الشيباني عدة رسائل للشباب، حيث أكد أن المرض لا يعني الاستسلام، وأن المريض قادر على الإبداع متى ما أتيح له المجال لأن يتم معاملته مثل الإنسان السليم قدر الإمكان، وأن على المريض ألا ينتظر المال حتى يأتيه بل عليه أن يستمر بالسعي للرزق والتوكل على الله ولكل مجتهد نصيب. وأخيرا قال الشيباني إن المرض نعمة من نعم الله عز وجل، وإن الواجب علينا الصبر ومقاومة المرض.



